أسامة داود يكتب الرسالة 4 لوزير البترول: حكايات من دفتر أحوال الظلم بشركات البترول

أسامة داود يكتب الرسالة 4 لوزير البترول:  حكايات من دفتر أحوال الظلم بشركات البترول


تلقيت مؤخرًا عشرات الاتصالات من قيادات بقطاع البترول تعرضت لظلم تجاوز كل الحدود

 يوجد قيادات فنية تحمل مسئوليات رئاسة الشركات ولم تغادر مستوى مدير عام منذ 10 سنوات

 معظم رؤساء مجالس الإدارة لم يحصلوا على درجة مساعد ويتم تجاهلهم لتُمنح للمحاسيب

 أرجو أن تعلم سيادة الوزير أن المنصب لن يدوم ولكن إقرار العدل هو الأبقى


مازلت أؤمن بأن ميلاد الوزير الجديد كريم بدوى مع وزارة البترول لم يبزغ فجره الأول بعد.. والسبب أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت للتعرف على المجسم بكل زواياه والذى يحمل شعار وزارة البترول التى كانت - قبل مجىء طارق الملا الذى غادر منذ أيام - قاطرة اقتصاد مصر، وكانت مواردها بمثابة شرايين تضخ فى خزانة الدولة كل صباح ملايين الدولارات لتصلح الكثير، والآن أصبحت خزانة الدولة هى التى تضخ فى شرايين القطاع من العملة الصعبة ما ينوء به كاهلها.

كان قطاع البترول يتربع على عرش قلوب المصريين عبر سطوعه وتغذية احتياجاتهم بوقود لم يتوقف لحظة.

الكهرباء لم تكن تعانى من الحصول على المواد البترولية من المازوت والسولار والغاز الطبيعى وبأسعار توازى الأسعار العالمية دون تأخير فى سداد المستحقات.

من خلال البترول تم إضاءة خريطة مصر بالكهرباء على يد عمالقة مثل ماهر أباظة وحسن يونس ولكن الأمور اختلفت مع الأخوين طارق الملا ومحمد شاكر اللذين وفدا عبر ممرات مجهولة فكانا أقدر اثنين على إغراق مصر فى ظلمة استحقت مسمى عودة "عصر العتمة" بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

والعتمة هو مصطلح فرض نفسه على سطور أخطها من هول ما عانيت وعشت معاناة المواطنين من حياة مظلمة لأن الكهرباء ليست مجرد مصباح، بل هى حياة.. هى النفس الذى نستنشقه عبر وسائل تهوية بفعل الكهرباء.. هى جواز المرور للتنقل فى المسكن.. هى تأشيرة الصعود إلى منزلى المعلق بالطابق الأخير وهى ماكينة الغسيل الكلوى للمبتلين وهى جهاز التنفس الصناعى لمرضى الربو والرئة والجهاز التنفسى وهى غرفة العمليات.

هى العمل والعطاء والإنتاج، هى من تحيل الخامات إلى غزل والغزل إلى نسيج والنسيج إلى أزياء هى القيمة المضافة.. هى المصنع والمشفى والمصرف والمطعم وجرعة الماء.. فكيف تختفى من حياتنا فجأة؟

والسبب وزير قرر أن يحيل الملف بكامله إلى مجموعة من المبتلين بتعقيدات نفسية مارسوا من خلالها كل صنوف القهر.

وأقسم لكم أننى على مدار الأيام الماضية تلقيت عشرات الاتصالات من قيادات بقطاع البترول تعرضت لظلم تجاوز كل الحدود، قيادات فنية تحمل مسئوليات رئاسة الشركات وهمومها ومشاكلها بينما لم تغادر مستوى مدير عام منذ أكثر من عشر سنوات، وأخرى انتدبت على مستوى مساعد ولم تثبت عليه، بينما الإداريون وعلى رأسهم أحمد راندى مثلاً بلغ رغم محدودية معرفته منصب رئيس الإدارة المركزة للشئون الادارية بوزارة البترول بدرجة وكيل أول الوزارة.

علينا أن نتخيل راندى يعمل فى موقع عمالقة مع اختلاف المجال مثل شامل حمدى وشريف إسماعيل ومحمود نظيم وعبدالله غراب!

هل اقتربت الساعة عندما نجد كل الإداريين والقانونيين الوافدين من شركة بتروتريد التى استقبلت إبراهيم خطاب فى بداية الألفية أصبحت مدرسة تضخ من تم نقلهم إليها كفائض عن العمل ليصبحوا قادة يديرون قطاع البترول باعتبارهم أهل الثقة وهى الأهم، حتى ولو لم يكن لهم صلة بأى لون من ألوان المعرفة مع تقديرى لشخوصهم، ولكننى أتحدث عن مواقع ومستويات وظيفية تؤتمن على جزء من الأمن القومى لمصر.

نعم، الأمن القومى لمصر بكل ما تعنى الكلمة.. لقد قال لى القامة العملاق عبدالهادى قنديل فى مذكراته التى سرد من خلالها رحلته مع القطاع إن اثنين من قيادات قطاع البترول كانا على علم بموعد حرب 1973 التى أعادت للعرب كرامتهم.. نعم لأن هيئة البترول وقطاع العمليات بها وموقع الوزير جزء مهم من الأمن القومى للدولة.. لأنها الهيئة المعنية بتوفير كل لتر سولار أو بنزين أو وقود للدولة المصرية.
.. وبالتالى فهى الأمن القومى ذاته.

وكانت الإدارية حتى قبل حسام التونى نائب رئيس الهيئة للشئون الإدارية حاليًا والمتحكم فى شركات الإنتاج بالهيئة.. متوجة بقامات مثل جابر خليل الذى كان ينوى عبدالهادى قنديل أن يسند إليه رئاسة هيئة البترول وقال لى عنه هادى فهمى نائب رئيس هيئة البترول الاسبق تلميذه إنه كان يصلح أن يكون رئيسًا للحكومة باعتباره عقلية إدارية فذة.

وأمس وحتى اليوم بها من يصدر قرارات تتماشى مع مدرسة إبراهيم خطاب الذى ظل قابضًا على عنق القطاع لسنوات طويلة وقبل عزله بتعليمات سيادية فجأة ودون إنذار.. فيوزع وعبر اتباعه  الدرجات الوظيفية الأساسية للإداريين وأى مجالات أخرى ويتجاهل عن عمد الفنيين.

ورغم ما لدىّ من أسماء ومعلومات، لكنى لست ممن يسمح لنفسه بالخوض فى تفاصيل ربما تترك جرحًا فى نفس من غادر المكان وإن كنت لم أترك واقعة من الوقائع الظالمة التى وصلت لى موثقة إلا وتناولتها وقت أن كان يتولى الوزارة... ومن قبل كانت قرارات إبراهيم خطاب التى تجسد الظلم فى أبشع صوره هى مصدر كتاباتى.

ولكنى الآن أحاول تجنب مجرد ذكر اسماء من غادروا فيما أخطه اليوم، لأنه ليس من الفروسية أن نواصل الحديث عمن غادر إلا من باب "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، أو التى تمثل تجاوزًا فى قطاع البترول على مستوى الوزير ولا أسمح لنفسى بالنزول إلى مستوى نقد قيادات أعلم أن قراراتها كانت تُملى عليهم، وأشير إلى من تعرض لظلم فادح لكونه رفض أن يعمل وفقًا لهوى مساعد الوزير للإدارية الذى بقى مزمنًا لسنوات يمارس كل صنوف القهر ضد من لا يخضع لتعليماته التى أراد لها أن تتجاوز اللائحة والقانون والدستور وكان يصم أذنيه أمام صرخات المصطلين بظلمه وظلم تلاميذه الذين وضعهم فى أعلى المواقع بالشركات ومنحهم الدرجات ليصبحوا كالسنط المتجذر على صفحات الوجه البرونزى تغتال نضارته بعسف وقهر.

من بين حالات القهر على سبيل المثال، سيدة قاربت الستين تتولى ملف التعاقدات بشركة كبرى من شركات الإنتاج تعمل دون كلل ولكن عبر الضوابط والقواعد والقانون، وعندما رفضت تسهيل رسو عقود عمليات على مقاولين لعدم تطابق الشروط معهم، تم تجميدها وكان من الممكن أن يتم نقلها إلى موقع آخر يستفيد من جهدها وخبرتها.. لكن لم يحدث لكون ممارسة القهر أصبحت هواية وغواية.

تلك القيادة دخلت الثلاجة لتجلس بلا عمل وتم تحذير العاملين من التعامل معها ليصبح المكتب الذى تجلس فيه نوعًا من أنواع الاعتقال بأمر المتوجين بدعم الكبار بالوزارة لتعيش السيدة حالة قهر مع سبق الإصرار والترصد، وكان بكاء السيدة لى عبر الهاتف مؤلمًا ومحزنًا، كلماتها صرخات حزن.. أخشى أن تؤدى بمن مثلها إلى الموت كمدًا وغيظًا وقهرًا ليس لشيء يشين، ولكن رفضًا للمشين، رفضًا لتقبل رئاسة لجنة الأمر المباشر والتى أراد من خلالها رئيس الشركة - كما تقول فى شكواها التى أرسلتها إلى كل الجهات واختصتنى بصورة منها - تمرير قراراته غير المنتظمة وليتم تحويل السيدة إلى مدير عام خبير لتظل بلا عمل نهائيًا وليضع فى موقعها محاميًا من الشركة.

ونظرًا لأن شغل المحامى لموقع مساعد الشركة للعقود سوف يعرضه للشطب من نقابة المحامين، فقد جاء القرار له بالقيام بالعمل أثناء غياب شاغليه، بينما لا يوجد شاغل لموقع مدير عام العقود فى الواقع، كما أن نفس المحامى ليس له بطاقة وصف وظيفى تتضمن شغل مهمة العمل فى العقود لمدة 18 سنة  - كما تقول المستغيثة فى شكواها.

والمثير للغرابة أن شكواها كانت تصل إلى الوزارة ولهيئة البترول ثم تعود إلى المشكو فى حقه لتتحول إلى وسيلة للتمعن والتشفى فى قهرها.

من بين الوقائع المثيرة للدهشة أن يتم تثبيت كل من يتبع إبراهيم خطاب الذى تولى تغذية إدارية الهيئة وشركاتها بالوافدين من شركة بتروتريد التى كان بها قبل أن يطرد منها واستمر فى منح رجاله كل الوظائف الإدارية بالشركات ويتم تغذية الصف الثانى منهم، ويحصل كل منهم على الدرجة الأعلى بمجرد الوصول إلى الفترة البينية وهى عامان تاركًا كل القيادات الفنية والإدارية غير تابعين لا يتم النظر إليهم وتركهم لأكثر من 7 سنوات ولا يتم تثبيتهم على درجة مساعد ومنهم رؤساء شركات.

بالإضافة إلى أن معظم رؤساء مجالس الإدارة بشركات البترول لم يحصلوا على درجة مساعد، رغم أن أوراقهم ترسل سنويًا وعلى مدى 5 سنوات ولكن لا يتم النظر إليهم ويتم تجاهلهم لتمنح للتابعين له.

يقول الرجل الذى يقترب من المعاش: مرت علىّ 7 سنوات وأنا فى حالة تجميد أعانى القهر، وأصبح الغريب أن السنط المتجذر انتقل من إبراهيم خطاب إلى رجالة الذين يسيرون  وفقًا لهوى خطاب، فكان يطلب من رؤساء الشركات إرسال أوراق التابعين له عند إعداد لجان الإدارة العليا بمجرد مرور الفترة البينية ليتم تسكينهم على الدرجات الأعلى متجاوزين كل المستحقين منذ سنوات.

أما درجة مساعد التى كانت تتم سنويًا فقد أوقفها خطاب منذ 6 سنوات وبقيت فى يده ليس لمنحها لمن يستحق ولكن لمن يريد.

وهناك تساؤلات هل للسيد حسام التونى نائب رئيس الهيئة للشئون الإدارية خبرة سابقة فى هذا المجال؟ وما حقيقة ان خبرته السابقة بدأت من كونه موظفًا فى بتروتريد التى أنشاها سامح فهمى لحل مشكلة البطالة -  مع العلم انها من الشركات التى لها مكانة عندى -  ، فعمل فى الإدارة المالية لتحصيل فواتير الغاز وهو صلب عمل الشركة ثم جذبه إبراهيم خطاب بعد أن خرج خطاب مطرودًا من بتروتريد تلاحقه هتافات العاملين "اخرج يا ظالم اخرج يا ظالم" والمسجلة صوتًا وصورة، فقرر خطاب اصطحاب التونى بعد أن جاء الملا إلى الهيئة معينًا بقرار إنسانى من سامح فهمى بعدما تم الاستغناء عن خدماته من قطاع محطات تموين السيارات التابع لشركة شيفرون فى إحدى الدول الإفريقية.

فوجد خطاب الفرصة مع الملا فى هيئة البترول ليبدآ فى تجهيز فريق عمل من الشباب التابع لهما من دواليب بتروتريد ليتم تسكينهم فى كل شرايين القطاع وأصبحت الإدارية تتحكم فى كل نشاط بترولى على أرض مصر حتى أصبح العنصر الفنى كما نرى لا يتم ترقيته عند بلوغ المدة  البينية الا إن كان من رجالهم فقط.. وجىء بحسام التونى كمساعد لإدارية الهيئة ليسير على نفس النهج حتى إنه وقت أن كان إبراهيم خطاب يقطن الوزارة كان يصدر قرارات توقف قرارات للتونى إذا ما أراد أن يمارس دوره كنائب للإدارية بهيئة البترول.

وإمعانًا فى التقليل من شأن منصبه قام إبراهيم خطاب وتحديدًا فى يوم 24 أكتوبر 2022 بإلغاء قرار حسام التونى الخاص بعودة العاملين والعاملات بالشركات للانتظام بالعمل بعد انتهاء جائحة كورونا التى أدت سابقًا إلى تخفيض العمالة، لتأتى تعليمات خطاب بعد ساعة واحدة وتوزع عبر قصاصة ورق صغيرة تسلب من قرار التونى مضمونه إمعانًا فى تقزيم دور الهيئة وإداراتها أمام تعليماته رغم أنه كان مجرد مستشار محال للمعاش جئ به - كما سبق وذكرت - من رف التقاعد إلى موقع يسيطر فيه على كل شىء، حتى الوزير نفسه كان رهن تعليمات إبراهيم خطاب، وهو ما لم يكن متعارفًا عليه فى قطاع البترول فى الماضى.

وأخيرًا، أرجو أن يتحقق الوافد الجديد وزير البترول المهندس كريم بدوى من تلك المعلومات الصحيحة وأن يعلم أن المنصب لن يدوم، ولكن إقرار العدل هو الأبقى وأن ينتشل قطاع البترول من الطريق الملغم بالظلم ويعيده إلى الطريق المعبد بالعدل.